الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان **
قال: حدثني يعقوب عن أبي عاصم الرامهرمزى وكان قد بلغ المئة أو قاربها قال: صالح أبو موسى أهل رامهرمز على ثماني ألف أو تسع مئة ألف. ثم إنهم غدروا ففتحت بعد عنوة فتحها أبو موسى في آخر أيامه. قالوا: ومفتح أبو موسى سرق على مثل صلح رامهرمز. ثم إنهم غدروا فوجه إليها حارثة بن بدر جيشٍ كثيف فلم يفتحها. فلما قدم عبد الله بن عامر فتحها عنوة. وقد كان حارثة ولى سرق بعد ذلك. وفيه يقول أبو الأسود الدولي. أجار بن بدرٍ قد وليت أمارةً فكن جرذًا فيها تخون وتسرق فإن جميع الناس إما مكذبٌ يقول بما تهوى وإما مصدق ولا تعجزن فالعجز أسوأ عادة فحظك من مال العراقين سرق فلما بلغ الشعر حارثة قال: جزا: إله الناس خير جزائة فقد قلت معروفًا وأوصيت كافيا أمرت بحزمٍ لو أمرت بغيره لألفيتني فيه لأمرك عاصيًا قالوا: وسار أبو موسى إلى تستر وبها شوكة العدو وحدهم. فكتب إلى عمر يستمده. فكتب عمر إلى عمار بن ياسر يأمره بالمسير إليه في أهل الكوفة. فقدم عمارٌ جرير بن عبد الله البجلي وسار حتى أتى تستر وعلى ميمنته - يعني مسمنة أبي موسى - البراء بن مالك أخو أنس بن مالك وعلى ميسرته مجزأة بن ثور السدوسي وعلى الخيل أنس بن مالك وعلى ميمنته عمار بن عازب الأنصاري وعلى ميسرته حذيفة بن اليمان العبسي وعلى خيله قرظة بن كعب الأنصاري وعلى رجالته النعمان بن مقرن المزني. فقاتلهم أهل تستر قتالًا شديدًا. وحمل أهل الكوفة حتى بلغوا باب تستر. فضاربهم البراء بن مالك على الباب حتى استشهد رجمه الله ودخل الهرمزان وأصحابه المدينة بشر حال وقد قتل منهم في المعركة تسع مئة ضربت أعناقهم بعد. وكان الهرمزان من أهل مهرجا نقذف وقد حضر وقعة جلولاء مع الأعاجم ثم إن رجلًا من الأعاجم استأمن إلى المسلمين على أن يدلهم على عورة المشركين. فأسلم واشترط أن يفرض لولده ويفرض له. فعاقده أبو موسى على ذلك ووجه رجلًا من شيبان يقال له أشرس بن عوف فخاض به دجيل على عرقٍ من حجارة ثم علا به المدينة وأراه الهرمزان ثم رده إلى العسكر. فندب أبو موسى أربعين رجلًا مع مجزأة بن ثور وأتبعهم مائتي رجل وذلك في الليل والمستأمن يقدمهم. فأدخلهم المدينة فقتلوا الحرس وكبروا على سور المدينة. فلما سمع الهرمزان هرب إلى قلعته وكانت موضع خزانته وأمواله. وعبر أبو موسى حين أصبح حتى دخل المدينة فاحتوى عليها. وقال الهرمزان: ما دل العرب على عورتنا إلا بعض من معنا ممن رأى إقبال أمرهم وأدبار أمرنا. وجعل الرجل من الأعاجم يقتل أهله وولده ويلقيهم في دجيل خوفًا من أن يظفر بهم العرب. وطلب الهرمزان إلى عمر فاستحياه وفرض له. ثم إنه اتهم بممالأة أبي لؤلؤة عبد المغيرة بن شعبة على قتل عمر رضي الله عنه فقال عبيد الله بن عمر: امض بنا ننظر إلى فرسٍ لي. فمضى وعبيد الله خلفه فضربه بالسيف وهو غافل فقتله. حدثنا أبو عبيده قال: حدثنا مروان بن معاوية عن حميد عن أنس قال: حاصرنا تستر فنزل الهرمزان فكنت الذي أتيت به إلى عمر بعث بي أبو موسى. فقال له عمر: تكلم. فقال: تكلم لابأس. فقال الهرمزان: كنا معشر العجم ما خلى الله بيننا وبينكم تقصيكم ونقتلكم. فلما كان اله معكم لم يكن لنا بكم يدان. فقال عمر: ما تقول يا أنس قلت: تركت خلفي شوكةً شديدة وعدوا كلبًا. فإن قتلته يئس القوم من الحياة فكان أشد لشوكتكم وإن استحييته طمع القوم في الحياة. فقال عمر: يا أنس! سبحان الله. قاتل البراء بنو مالك ومجزأة بن ثور السدوسي. قلت: فليس لك إلى قتله سبيل. قال: ولم إعطاءك أصبت منه قلت: لا ولكنك قلت له: لا بأس. فقال: متى لتجيئن معك بمن شهد وإلا بدأت بعقوبتك. قال: فخرجت من عنده فإذا الزبير بن العوام قد حفظ الذي حفظت. فشهد لي. فخلى سبيل الهرمزان. فاسلم وفرض له عمر. وحدثني إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثنا ابن المبارك عن ابن جريح عن عطاء الخرساني قال: كفيتك أن تستر كانت صلحًا فكفرت. فسار إليها المهاجرون فقتلوا المقاتلة وسبوا الذراري فلم يزالوا في أيدي سادتهم حتى كتب عمر: خلوا ما في أيديكم. قال: وسار أبو موسى إلى جند يسابور وأهلها منخوبون فطلبوا الأمان فصالحهم على أن لا يقتل منهم أحدًا ولا يسبيه ولا يعرض لأموالهم سوى السلاح. ثم إن طائفةً من أهلها توجهوا إلى الكلبانية. فوجه إليهم أبو موسى الربيع بن زياد فقتلهم وفتح الكلبانية. واستأمنت الأساورة فأمنهم أبو موسى فأسلموا. ويقال إنهم استأمنوا قبل ذلك فلحقوا بأبي موسى وشهدوا تستر. والله أعلم. وحدثني عمر بن حفص العمري عن أبي حذيفة عن أبي الأشهب عن أبي رجاء قال: فتح الربيع بن زياد الثيبان من قبل أبي موسى عنوة. ثم غدروا ففتحها منجوف بن ثور السدوسي. قال: وكان مما فتح عبد الله بن عامر سنبيل والزط. وكان أهلهما قد كفروا. فاجتمع إليهم أكرادٌ من هذه الأكراد. وفتح أيذج بعد قتالٍ شديد. وفتح أبو موسى السوس وتستر ودورق عنوة. وقال المدائني: فتح ثابت بن ذى الحرة الحميري قلعة ذى الرناق. عن مجالد بن يحيى أن مصعب بن الزبير ولى مطرف بن سيدان الباهلي أحد بني جئآوة شرطته في بعض أيام ولايته العراق لأخيه عبد الله بن الزبير. فأتى مطرف بالنابي بن زياد بن ظبيان أحد بني عائش بن مالك بن تميم الله ابن ثعلبة بن عكابة وبرجل من بني نمير قطعا الطريق فقتل النابي وضرب النميري بالسياط وتركه. فلما عزل مطرف عن الشرطة وولى الأهواز جمع عبيد الله بن زياد بن ظبيان له جمعًا وخرج يريده. فالتقيا فتواقفا وبينهما نهرٌ فعبر مطرف بن سيدان فعاجله ابن ظبيان فطعنه فقتله. فبعث مصعب مكرم بن مطرف في طلبه. فسار حتى صار إلى الموضع الذي يعرف اليوم بعسكر مكرم فلم يلق ابن ظبيان. ولحق ابن ظبيان بعبد الملك بن مروان وقاتل معه مصعبًا فقتله واحتز رأسه. ونسب عسكر مكرم إلى مكرم بن مطرف هذا. قال البعيث الكرى. سقينا ابن سيدانٍ بكأسٍ رويةٍ كفتنا وخير الأمر ما كان كافيا ويقال أيضًا إن عسكر مكرم إنما نسب إلى مكرم بن الفزر أحد بني جعونة بن الحارث بن نمير. وكان الحجاج وجه لمحاربة خرزاد بن باس حين عصى ولحق بأيذج وتحصن في قلعةٍ تعرف به. فلما طال عليه الحصار نزل مستخفيًا متنكرًا ليلحق بعبد الملك. فظفر به مكرم ومعه درتان في وذكروا أنه كانت عند عسكر مكرم قريةٌ قديمةٌ وصل بها البناء بعد ثم لم يزل يزاد فيه حتى كثر. فسمى ذلك أجمع عسكر مكرم. وهو اليوم مصرٌ جامع. وحدثني أبو مسعود عن عوانة قال: ولى عبد الله بن الزبير البصرة حمزة بن عبد الله بن الزبير. فخرج إلى الأهواز فلما رأى جبلها قال: كأنه قعيقعان. وقال الثوري: الأهواز سمى بالفارسية هوز مسير. وإنما سميت الأخواز فغيرها الناس فقالوا: الأهواز. وأنشد لأعرابي: لا ترجعني إلى الأخواز ثانيةً وقعقعان الذي في جانب السوق ونهر بط الذي أمسى يؤرقني فيه البعوض بلسبٍ غير تشفيق فما الذي وعدته نفسه طمعًا من الحصينى أو عمرو بمصدوق وقال: نهر البط نهرٌ كانت عنده مراعٍ للبط فقالت العامة. نهر البط كما قالوا: دار بطيخ. وسمعت من يقول: ن النهر كان لامرأة تسمى البطئة فنسب إليها ثم حذف. حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن محمد بن عبد الله عن الزهري قال: افتتح عمر السواد والأهواز عنوةً. فسئل عمر قسمة ذلك. فقال: فما لمن وحدثني المدائني عن علي بن حماد وسحيمٍ بن حفص وغيرهما قالوا: قال أبو المختار يزيد بن قيس بن يزيد بن الصعق كلمةً رفع فيها على عمال الأهواز وغيرهم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أبغ أمير المؤمنين رسالة فأنت أمين الله في النهي والأمر وأنت أمين الله فينا ومن يكن أمينًا لرب العرش يسلم له صدري فلا تدعن أهل الرساتيق والقرى يسغون مال الله في الأدم الوفر فأرسل إلى الحجاج فاعرف حسابه وأرسل إلى جزءٍ وأرسل إلى بشر ولا تنسين النافعين كليهما ولا ابن غلابٍ من سراة بني نصر وما عاصمٌ منها بصفرٍ عيابه وذاك الذي في السوق مولى بني بدر وأرسل إلى النعمان واعرف حسابه وصهر بني غزوان إني لذو خبر وشبلًا فسله المال وابن محرشٍ فقد كان في أهل الرساتيق ذا ذكر فقاسمهم أهلي فداؤك إنهم سيرضون إن قاسمتهم منك بالشطر ولا تدعوني للشهادة إنني أغيب ولكني أرى عجب الدهر فقاسم عمر هؤلاء الذين ذكرهم أبو المختار شطر أموالهم حتى أخذ نعلًا وترك نعلًا. وكان أبو بكرة فقال: إني لم أل لك شيئًا. فقال له: أخوك على بيت المال وعشور الأبله وهو يعطيك المال تتجربه. فأخذ منه عشرة آلاف. ويقال: قاسمه شطر ماله. وقال: الحجاج الذي ذكره الحجاج بن عتيك الثقفي وكان على الفرات. وجزء بن معاوية عم الأحنف كان على سرق. وبشر بن المحتفز كان على جند يسابور. والنافعان نفيع أبو بكرة ونافع بن الحارث بن كلدة أخوه. وابن غلاب خالد بن الحارث من بني دهمان كان على بيت المال بإصبهان. وعاصم بن قيس بن الصلت السلمي كان على مناذر. والذي في السوق سمرة بن جندب على سوق الأهواز. والنعمان بن عدي بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان أحد بني عدي بن كعب بن لؤي كان على كور دجلة. وهو الذي يقول: من مبلغ الحسناء أن خليلها بميسان يسقى في زجاجٍ وحنتم إذا شئت غنتني دهاقين قرية وصناجةٌ تجزو على كل منسم فلما بلغ عمر شعره قال: أي والله إنه ليسوءني ذلك. وعزله. وصهر بني غزوان مجاشع بن مسعود السلمي. كانت عنده بنت عتبة بن غزوان. وكان على أرض البصرة وصدقاتها. وشبل بن معبد البجلي ثم الأحمس كان على قبض المغانم. وابن محرش أبو مريم الحنفي كان على رام هرمز. قال عوسجة بن زياد الكاتب: أقطع الرشيد أمير المؤمنين عبيد الله بن المهدي مزارعةً أرض الأهواز. فدخل فيها شبهةٌ فرفع في ذلك قومٌ إلى المأمون فأمر بالنظر فيها والوقوف عليها فما لم تكن فيه شبهة أنفذ وما شك فيه سمى المشكوك فيه. وذلك معروف بالأهواز. كور فار وكرمان قالوا: كان العلاء بن الحضرمي وهو عامل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على البحرين وجه هرثمة بن عرفجة البارقي من الأزد ففتح جزيرة في البحر مما يلي فارس. ثم كتب عمر إلى العلاء أن يمد به عتبة بن فرقد السلمي فعل. ثم وولى عمر عثمان بن أبي العاص الثقفي البحرين وعمان فدوخهما واتسقت له طاعة أهلهما وجه أخاه الحكم بن أبي العاص في البحر إلى فارس في جيش عظيمٍ من عبد القيس والأزد وتميم وبني ناحية وغيرهم ففتح جزيرة ابركاوان. ثم صار إلى توج وهي من أرض أردشير خره ومعنى اردشير خرة بهاء أردشير. وفي رواية أبي مخنف أن عثمان بن أبي العاص نفسه قطع البحر إلى فارس فنزل توج ففتحها وبنى بها المساجد وجعلها دارًا للمسلمين وأسكنها عبد القيس وغيرهم. فكان يغير منها على أرجان وهي متاخمة لها. ثم إنه شخص عن فارس إلى عمان والبحرين لكتاب عمر إليه في ذلك واستخلف أخاه الحكم. وقال غير أبي مخنف: إن الحكم فتح توج وأنزلها المسلمين من عبد القيس وغيرهم سنة تسع عشرة. وقالوا: إن شهرك مرزبان فارس وواليها أعظم ما كان من قدوم العرب فارس واشتد عليه وبلغته نكايتهم وبأسهم وظهورهم على كل من لقوه من عدوهم. فجمع جمعًا عظيمًا وسار بنفسه حتى أتى راشهر من أرض سابور وهي بقرب توج فخرج إليه الحكم بن أبي العاص وعلى مقدمته سوار بن همام العبدي. فاقتتلوا قتالًا شديدًا. وكان هناك وادٍ قد وكل به شهرك رجلًا من نقابه في جماعة وأمره أن لا يجتازه هاربٌ من أصحابه إلا قتله. فأقبل رجلٌ من شجعاء الساورة موليًا من المعركة. فأراد الرجل قتله. فقال له: لا تقتلني فإنما نقاتل قومًا منصورين الله معهم. ووضع حجرًا فرماه ففلقه ثم قال: أترى هذا السهم الذي فلق الحجر والله ما كان ليخدش بعضهم لو رمى به. قال: لا بد من قتلك. فبينما هو في ذلك إذ أتاه الخبر بقتل شهرك. وكان الذي قتله سوار ابن همام العبدي حمل عليه فطعنه فأذراه عن فرسه وضربه بسيفه حتى فاظت نفسه. وحمل ابن شهرك على سوار فقتله وهزم الله المشركين وفتحت راشهر عنوةً وكان يومها في صعوبته وعظيم النعمة على المسلمين فيه كيوم القادسية. وتوجه بالفتح إلى عمر بن الخطاب عمرو بن الأهتم التميمي فقال: جئت الأمام بإسراعٍ لأخبره بالحق من خبر العبدي سوار أخبار أروع ميمونٍ تقيبته مستعملٍ في سبيل الله مغوار وقال بعض أهل توج: إن توجٍ مصرت بعد مقتل شهرك. والله أعلم. قالوا: ثم إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى عثمان ابن أبي العاص في إتيان فارس. فخلف على عمله أخاه المغيرة ويقال: هو حفص ابن أبي العاص. وكان جزلًا. وقدم توج فنزلها. فكان يغزو منها ثم يعود إليها. وكتب عمر إلى أبي موسى وهو بالبصرة يأمره أن يكانف عثمان بن أبي العاص ويعاونه. فكان يغزو فارس من البصرة ثم يعود إليها. وبعث عثمان بن أبي العاص هرم بن حيان العبدي إلى قلعة يقال لها شبير ففتحها عنوة بعد حصار وقتال. وقال بعضهم: فتح هرم قلعة الستوج عنوة وأتى عثمان خره من سابور ففتحها وأرضها بعد أن قاتله أهلها صلحًا على أداء الجزية والخراج ونصح المسلمين. وفتح عثمان بن أبي العاص كازرون من سابور وغلب على أرضها. وفتح عثمان النوبندجان من سابور أيضًا وغلب عليها. واجتمع أبو موسى وعثمان بن أبي العاص في آخر خلافة عمر رضى الله عنه ففتحها أرجان صلحًا على الجزية والخراج. وفتحا شيراز وهي من أرض أردشير خره على أن يكونوا ذمة يؤدون الخراج إلا من أحب منهم الجلاء ولا يقتلوا ولا يستعبدوا. وفتحا سينيز من أرض أردشير خره وترك أهلها عمارًا للأرض. وفتح عثمان حصن جنابا بأمانٍ. وأتى عثمان بن أبي العاص درا بجرد وكانت شادروان علمهم ودينهم وعليها الهربذ فصالحه الهربذ على مال أعطاه إياه وعلى أن أهل درا بجرد كلهم أسوة من فتحت بلاده من أهل فارس. واجتمع له جمعٌ بناحية جهرم ففضهم وفتح أرض جهرم. وأتى عثمان فسا فصالحه عظيمها على مثل صلح درا بجرد. ويقال أن الهربذ صالح عنها أيضا. وأتى عثمان بن أبي العاص مدينة سابور في سنة ثلاث وعشرين ويقال في سنة اربع وعشرين قبل أن تأتي أبا موسى ولايته البصرة من قبل عثمان بن عفان فوجد أهلها هائبين للمسلمين. ورأى أخو شهرك في منامه كأن رجلًا من العرب دخل عليه فسلبه قميصه. فنخب ذلك قلبه فامتنع قليلً ثم طلب الأمان والصلح. فصالحه عثمان على أن لا يقتل أحدًا ولا يسبيه وعلى أن تكون له ذمة ويعجل مالًا. ثم إن أهل سابور نقضوا وغدروا. ففتحت في سنة ست وعشرين عنوةً فتحها أبو موسى وعلى مقدمته عثمان بن أبي العاص. وقال معمر بن المثنى وغيره: كان عمر بن الخطاب أمر أن يوجه الجارود العبدي سنة أثنتين وعشرين إلى قلاع فارس. فلما كان بين خره وشيراز تخلف عن أصحابه في عقبةٍ هناك سحرًا لحاجته ومعه اداوة فأحاطت به جماعةٌ من الأكراد فقتلوه. فسميت تلك العقبة عقبة الجارود. قالوا: ولما ولى عبد الله بن عامر بن كريز البصرة من قبل عثمان ابن عفان بعد أبي موسى الأشعري سار إلى اصطخر في سنة ثمان وعشرين فصالحه ماهك عن أهلها. ثم خرج يريد جور فلما فارقها نكثوا وقتلوا عامله عليهم. ثم لما فتح جور كر عليهم ففتحها. قالوا: وكان هرم بن حيان مقيما على جور. وهي مدينةً اردشير خره. وكان المسلمون يعانونها ثم ينصرفون عنها فيعانون اصطخر ويغزون نواحي كانت تنتقض عليهم. فلماذا نزل ابن عامر بها قاتلوه ثم تحصنوا ففتحها بالسيف عنوة وذلك في سنة تسع وعشرين. وفتح ابن عامر أيضًا الكاريان وفشجاتن وهي الفيشجان من درا بجرد ولم تكونا دخلتا في صلح الهربذ وانتقضتا. وحدثني جماعة من أهل العلم أن جور غزيت عدة سنين فلم يقدر عليها حتى فتحها ابن عامر. وكان سبب فتحها أن بعض المسلمين قام يصلي ذات ليلة وإلى جانبه جرابٌ له فيه خبزٌ ولحم فجاء كلبٌ فجره وعدا به حتى دخل المدينة من مدخلٍ لها خفيٍ فألظ المسلمون بذلك المدخل حتى دخلوا منه وفتحوها. قالوا: ولما فرغ عبد الله بن عامر من فتح جور كر على أهل اصطخر وفتحها عنوة بعد قتالٍ شديد ورميٍ بالمجانيق. وقتل بها من الأعاجم أربعين ألفًا وأفنى أهل البيوتات ووجه الأساورة وبعض الرواة يقول: إن ابن عامر رجع إلى اصطخر حين بلغه نكثهم ففتحها. ثم صار إلى جور وعلى مقدمته هرم بن حيان ففتحها. وروى الحسن بن عثمان الزيادي أن أهل اصطخر غدروا في ولاية عبد الله بن عباس رضي الله عنه عنهما العراق لعلي رضي الله عنه ففتحها. وحدثني العباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف قال: توجه ابن عامر إلى اصطخر ووجه على مقدمته عبيد الله بن معمر التيمي. فاستقبله أهل اصطخر برامجرد فقاتلهم فقتلوه فدفن في بستان برامجرد. وبلغ ابن عامر الخبر فأقبل مسرعًا حتى واقعهم وعلى ميمنته أبو برزة نضلة بن عبد الله الأسلمي وعلى الرجال خالد بن المعمر الذهلي. فقاتلهم فهزمهم حتى أدخلهم اصطخر. وفتحها الله عنوة فقتل فيها نحوًا من مئة ألف. وأتى درا بجرد ففتحها وكانت منتقضة ثم وجه إلى كرمان. حدثني عمر الناقد قال: حدثنا مروان بن معاوية الفرازى عن عاصم الأحول عن فضيل بن زيد الرقاش قال: حاصرنا شهرياج شهرًا جرّارًا وكان ظننا أنا سنفتحها في يومنا فقاتلنا أهلها ذات يوم ورجعنا إلى معسكرنا وتخلف عبدٌ مملوك منافرًا ظنوه. فكتب لهم أمانًا ورمى به إليهم في سهم. قال: فرحنا للقتال وقد خرجوا من حصنهم قالوا: هذا أمانكم! فكتبنا بذلك إلى عمر. فكتب إلينا: إن العبد المسلم من المسلمين ذمته كذمتهم فلينفذ أمانة. فأنفذناه. وحدثني القاسم بن سلام قال: حدثنا أبو النضر عن شعبة عن عاصم عن الفضيل قال: كنا مصافي العدو بسيراف. ثم ذكر نحو ذلك. وحدثنا سعدوية قال: حدثنا عباد بن العوام عن عاصم الأحول عن الفضيل بن زيد الرقاشي قال: حاصر المسلمون حصنًا. فكتب عبدٌ أمانًا ورمى به إليهم في مشقص. فقال المسلمون: ليس أمانة بشيء. فقال القوم: لسنا نعرف الحر من العبد. فكتب بذلك إلى عمر. فكتب: إن عبد المسلمين منهم ذمته ذمتهم. وأخبرني بعض أهل فارس أن حصن سيراف يدعى سوريانج. فسمته العرب شهرياج. وبفسا قلعةٌ تعرف بخرشة بن مسعود من بني تميم ثم من بني شقرة كان مع ابن الأشعث فتحصن في هذه القلعة ثم أومن فمات بواسط. له عقب بفسا. كرمان وأما كرمان فإن عثمان بن أبي العاص الثقفي لقى مرزبانها في جزيرة ابركاوان وهو في خفٍٍٍٍ فقتله. فوهن أمر أهل كرمان وتخيب قلوبهم. فلما صار ابن عامر إلى فارس وجه مجاشع بن مسعود السلمي إلى كرمان في طلب يزدجرد. فأتى بيمند. فهلك جيشه بها. ثم لما توجه ابن عامر يريد خراسان ولى مجاشعًا كرمان. ففتح بيمند عنوةً واستبقى أهلها وأعطاهم أمانًا. وبها قصرٌ يعرف بقصر مجاشع. وفتح مجاشع بروخروة وأتى الشيرجان وهي مدينة كرمان وأقام عليها ايامًا بسيرة أهلها متحصنون وقد خرجت لهم خيلٌ فقاتلهم ففتحها عنوة وخلف بها رجلًا ثم إن كثيرًا من أهلها جلوا عنها. وقد كان أبو موسى الأشعري وجه الربيع بن زياد ففتح ما حول الشيرجان وصالح أهل بم والاندغار. فكر أهلها ونكثوا. فاقتتحها مجامع بن مسعود. وفتح جيرفت عنوةً وسار في كرمان فدوخها. واتى القفص وجمع له بهرموز خلقٌ ممن جلا من الأعاجم فقاتلهم فظفر بهم وظهر عليهم. وهرب كثيرٌ من أهل كرمان فركبوا البحر ولحق بعضهم بمكران وأتي بعضهم سجستان فأقطعت العرب منازلهم وأرضيهم فعمروها وأدوا العشر فيها واحتفروا القنى في مواضع منها. وولى الحجاج قطن بن قبيصة بن مخارق الهلالي فارس وكرمان وهو الذي انتهى إلى نهر فلم يقدر أصحابه على إجازته فقال: من جاز فله ألف درهم. فجازوه فوفى لهم. فكان ذلك أول يوم سميت الجائزة فيه. قال الشاعر وهو الجحاف بن حكيم: فدى للأكرمين بني هلال على علاتهم أهلي ومالي هم سنوا الجوائز في معدٍٍ فصارت سنة أخرى الليالي رماحهم تزيد على ثمانٍ وعشرٍ حين تختلف العوالي وكان قبيصة بن مخارق من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وفي قطن يقول الشاعر: كم من أميرٍ قد أصبت حباهء وآخر حظي من إمارته الحزن فهل قطنٌ إلا كمن كان قبله فصبرًا على ما جاء يومًا به قطن قالوا: وكان ابن زياد ولى شريك بن الأعور الحارثي وهو شريك بن الحارث وكتب يزيد بن زياد بن ربيعة بن مفرغ الحميري إليه فأقطعه أرضًا بكرمان فباعها بعد هرب ابن زياد من البصرة. وولى الحجاج الحكم بن نهيك الهجيمي كرمان بعد أن كان ولاه فارس. فبنى مسجد أرجان ودار إمارتها. سجستان وكابل حدثني علي بن محمد وغيره: أن عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس توجه يريد خرا سان سنة ثلاثين. فنزل بعسكره شق الشيرجان من كرمان. ووجه الربيع بن زياد ابن أنس بن الديان الحارثي إلى سجستان فسار حتى نزل الفرج. ثم قطع المفازة وهي خمسة وسبعون فرسخًا فأتى رستاق زالق وبين زالق وبين سجستان خمسة فراسخ وزالق حصن. فأغار على أهله في يوم مهرجان فأخذ دهقانه فافتدى نفسه بأن ركز عنزة ثم غمرها ذهبًا وفضة وصالح الدهقان على حقن دمه. وقال أبو عبيده معمر بن المثنى: صالحه على أن يكون بلده كبعض ما افتتح من بلاد فارس وكرمان. ثم أتى قريةً يقال لها كركوبه على خمسة أميال من زالق فصالحوه ولم يقاتلوه. ثم نزل رستاقًا يقال له هيسون فأقام له أهله النزل وصالحوه على غير قتال. ثم أتى زالق وأخذ الأدلاء منها إلى زرنج وسار حتى نزل الهند مند وعبر واديا ينزع منه يقال له نوق. وأتى زوشت وهي من زرنج على ثلثي ميل. فخرج إليه أهلها فقاتلوه قتالًا شديدًا وأصيب رجالٌ من المسلمين. ثم كر المسلمون وهزموهم حتى اضطروهم إلى المدينة بعد أن قتلوا منهم مقتلةً عظيمة. ثم أتي الربيع ناشروذ وهي قريةٌ. فقاتل أهلها وظفر بهم. وأصاب بها عبد الرحمن أبا صالح بن عبد الرحمن الذي كتب للحجاج مكان زدا نفروخ ابن نيرى وولى خراج العراق لسليمان بن عبد الملك وأمه. فاشترته امرأة من بني تميم ثم من بني مرة بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد ابن تميم يقال لها عبلة. ثم مضى من ناشروذ إلى شرواذ وهي قريةٌ. فغلب عليها وأصاب بها جد إبراهيم بن بسام فصار لابن عمير الليثي. ثم حاصر مدينة زرنج بعد أن قاتله أهلها. فبعث إليه برويزمرز بأنها يستأمنه ليصالحه. فأمر بجسدٍ من أجساد القتلى فوضع له. فجلس عليه واتكأ على الآخر وأجلس أصحابه على أجساد القتلى. وكان الربيع آدم أفوه طويلًا فلما رآه المرزبان هاله فصالحه على ألف وصيف ثم أتى سناروذ وهو وادٍ فعبره وأتى القريتين. وهناك مربط فرس رستم فقاتلوه فظفر. ثم قدم زرنج فأقام بها سنتين. ثم أتى عامر واستخلف بها رجلًا من بني الحارث بن كعب فأخرجوه وأغلقوها. وكانت ولاية الربيع سنتين ونصفًا. وسبى في ولايته هذه أربعين ألف رأس. وكان كاتبه الحسن البصري. ثم ولى ابن عامر عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس سجستان. فأتى زرنج فحصر مرزبانها في قصره في يوم عيدٍ لهم فصالحه على ألفي ألف درهم وألفى وصيفٍ. وغلب ابن سمرة على ما بين زرنج وكش من ناحية الهند. وغلب من ناحية طريق الرخج على ما بينه وبين بلاد الداور. فلما انتهى إلى بلاد الداور حصرهم في جبل الزور ثم صالحهم فكانت عدة من معه من المسلمين ثمانية آلاف. فأصاب كل رجلٍ منهم أربعة آلاف. ودخل على الزور وهو صنم من ذهب عيناه ياقوتتان. فقطع يده وأخذ الياقوتتين. ثم قال للمرزبان: دونك الذهب والجوهر وإنما أردت أن أعلمك أنه لا يضر ولا ينفع. وفتح بست وزابل بعهد. حدثني الحسين بن الأسود قال: حدثنا وكيع عن حماد بن زيد عن يحيى ابن عتيق قال وكيع: عقد لهم عقدًا وهو دون العهد. قالوا: وأتى عبد الرحمن زرنج فأقام بها حتى اضطرب أمر عثمان. ثم استخلف أمير بن أحمر اليشكري وانصرف من سجستان. ولأمير يقول زياد الأعجم: لولا أميرٌ هلكت يشكرٌ ويشكرٌ هلكى على كل حال ثم إن أهل زرنج أخرجوا أميرًا واغلقوها. ولما فرغ علي بن أب يطالب عليه السلام من أمر الجمل خرج حسكة بن عتاب الحبطي وعمران بن الفصيل البرجمي في صعاليك من العرب حتى نزلوا زالق وقد نكث أهلها. أصابوا منها مالا وأخذوا جد البختري الأصم ابن مجاهد مولى شيبان. ثم أتو زرنخ وقد خافهم مرزبانها فصالحهم ودخلوها وقال الراجز. بشر سجستان بجوع وحرب بابن الفصيل وصعاليك العرب لا فضةٌ يغنيهم ولا ذهب وبعث علي بن أبي طالب عبد الرحمن بن جزء الطائي إلى سجستان فقتله حسكة. فقال علي: لأقتلن من الحبطات أربعة آلاف. فقيل له: إن الحبطات لا يكونون خمس مئة. وقال أبو مخنف: وبعث علي رضي الله عنه عون بن جعده ابن هبيرة المخزومي إلى سجستان. فقتله بهدالى اللص الطائي في طريق العراق. فكتب عليٌ إلى عبد الله بن العباس يأمره أن يولى سجستان رجلًا في أربعة آلاف. فوجه ربعى بن الكاس العنبري في أربعة آلاف. وخرج معه الحصين بن أبي الحر - وأسم أبي الحر مالك بن الخشخاش العنبري - وثات بن ذي الحرة الحميري. وكان على مقدمته. فلما وردوا سجستان قاتلهم حسكة فقتلوه. وضبط ربعي البلاد. فقال راجز هم: نحن الذين اقتحموا سجستان على ابن عتابٍ وجند الشيطان يقدمنا الماجد عبد الرحمان أنا وجدنا في منير الفرقان أن لا نوالي شيعة ابن عفان وكان ثات يسمى عبد الرحمن. وكان فيروز حصين ينسب إلى حصين بن أبي الحر. وهذا هو من سبى سجستان. ثم لما ولى معاوية بن أبي سفيان استعمل ابن عامرٍ على البصرة. فولى عبد الرحمن بن سمرة سجستان. فأتاها وعلى شرطته عباد بن الحصين الحبطى ومعه من الأشراف عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي وعبد الله بن خازم السلمي وقطرى بن الفجاءة والمهلب بن أبي صفرة. فكان يغزو البلد قد كفر أهله فيفتحه عنوةً أو يصالح أهله حتى بلغ كابل. فلما صار إليها نزل بها فحاصر أهلها أشهرًا وكان يقاتلهم ويرميهم بالمنجنيق حتى ثلمت ثلمة عظيمةً فبات عليها عباد بن الحصين ليلةً يطاعن المشركين حتى أصبح فلم يقدروا على سدها. وقاتل ابن خازم معه عليها. فلما أصبح الكفرة خرجوا يقاتلون المسلمين. فضرب ابن خازم فيلًا كان معهم فسقط على الباب الذي خرجوا منه فلم يقدروا على غلقه فدخلها المسلمون عنوةً. وقال أبو مخنف: الذي عقر الفيل المهلب. وكان الحسن البصري يقول: ما ظننت أن رجلًا يقوم مقام ألفٍ حتى رأيت عباد بن الحصين. قالوا: ووجه عبد الرحمن بن سمرة ببشارة الفتح عمر بن عبيد الله بن معمر والمهلب بن أبي صفرة. ثم خرج عبد الرحمن فقطع زادي نسل. ثم أتى خواش وقوزان بست ففتحها عنوة. وسار إلى رزان فهرب أهلها وغلب عليها. ثم سار إلى خشك فصالحه أهلها. ثم أتى الرخج فقاتلوه فظفر بهم وفتحها. وأتى كابل وقد نكث أهلها ففتحها. ثم ولى معاوية عبد الرحمن بن سمرة سجستان من قبله وبعث إليه بعهده فلم يزل عليها حتى قدم زيادٌ البصرة فأقره أشهرًا ثم ولاها الربيع بن زياد. ومات ابن سمرة بالبصرة سنة خمسين وصلى عليه زياد. وهو الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تسأل الإمارة فإنك إن أويتيها عن غير مسئلة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسئلة وكلت إليها. وإذا حلفت على يمينٍ فرأيت خيرًا منها فأت الذي هو خيرٌ وكفره عن يمينك). وكان عبد الرحمن قدم بغلمان من سبى كابل فعملوا له مسجدًا في قصره بالبصرة على بناءٍ كابل. قالوا: ثم جمع كابل شاه للمسلمين وأخرج من كان منهم بكابل. وجاء رتبيل فغلب على ذا بلستان والرخج حتى انتهى إلى بست. فخرج الربيع بن زياد في الناس فقاتل رتبيل بيست وهزمه وأتبعه حتى أتى الرخج فقاتله بالرخج ومضى ففتح بلاد الداور. ثم عزل زياد بن أبي سفيان الربيع بن زياد الحارثي وولى عبيد الله بن أبي بكرة سجستان. فغزا فلما كان برزان بعث إليه رتبيل يسأله الصلح عن بلاده وبلاد كابل على ألف ألفٍ ومائتي ألف. فأجابه إلى ذلك. وسأله أن يهب له مائتي ألفٍ ففعل. فتم الصلح إلى ألف ألف درهم. ووفد عبيد الله على زياد فأعلمه ذلك. فأمضى الصلح. ثم رجع عبيد الله بن أبي بكرة إلى سجستان فأقام بها إلى أن مات زياد. وولى سجستان بعد موت زيادٍ عباد بن زياد من قبل معاوية. ثم لما ولى يزيد بن معاوية ولى سلم بن زياد خرا سان وسجستان. فولى سلم أخاه يزيد بن زياد سجستان. فلما كان موت يزيد أو قبل ذلك بقليل غدر أهل كابل ونكثوا وأسروا أبا عبيده بن زياد. فسار إليهم يزيد بن زياد فقاتلهم وهم بجينزة فقتل يزيد بن زياد وكثيرٌ ممن كان معه وانهزم سائر الناس. وكان فيمن استشهد زيد بن عبد الله بن أبي مليكة بن عبد الله بن جدعان القرشي وصلة بن اشيم أبو الصهباء العدوى زوج معاذة العدوية. فبعث سلم بن طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي الذي يعرف بطلحة الطحات ففدى أبا عبيده بخمس مئة ألف درهم. وسار طلحة من كابل إلى سجستان واليًا عليها من قبل سلم بن زياد. فجبى وأعطى زواره ومات بسجستان. واستخلف رجلًا من بني يشكر فأخرجته المضرية ووقعت العصبية وغلب كل قومٍ على مدينتهم. فطمع فيهم رتبيل. ثم قدم عبد العزيز بن عبد الله بن عامر واليًا على سجستان من قبل القباع وهو الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي في أيام ابن الزبير. فأدخلوه مدينة زرنج وحاربوا رتبيل فقتله أبو عفراء عمير المازني وانهزم المشركون. وأرسل عبد الله بن ناشرة التميمي إلى عبد العزيز: أن خذ جميع ما في بيت المال وانصرف. ففعل. وأقبل ابن ناشرة حتى دخل زرنج ومضى وكيع ابن أب يسود التميمي فرد عبد العزيز وأدخله المدينة حين فتحت للحطابين وأخرج ابن ناشرة فجمع جمعًا فقاتله عبد العزيز وأدخله المدينة حين فتحت للحطابين وأخرج ابن ناشرة فجمع جمعًا فقاتله عبد العزيز بن عبد الله ومعه وكيع فعثر بابن ناشرة فرسه فقتل. فقال أبو حزابة ويقال حنظلة ابن عرادة: ألا لفتى بعد ابن ناشرةً الفتى ولا شيء إلا قد تولى وأدبرا أكان حصادًا للمنايا ازدرعنه فهلا تركن النبت ما كان أخضرا فتىً حنظليٌ ما تزال يمينه تجود بمعروفٍ وتنكر منكرا لعمري لقد هدت قريشٌ عروشنا بأروع نفاح العشيات أزهرا واستعمل عبد الملك بن مروان أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص على خرا سان. فوجه ابنه عبد الله بن أمية على سجستان وعقد له عليها وهو بكرمان. فلما قدمها غزا رتبيل الملك بعد رتبيل الأول المقتول. وقد كان هاب المسلمين. فصال عبد الله حين نزل بست على ألف ألف. ففعل وبعث إليه بهدايا ورقيق فأبى قبول ذلك وقال: ن ملأ لي هذا الرواق ذهبًا وإلا فلا صلح بيني وبينه. وكان غزاءً فخلى له رتبيل البلاد حتى إذا أوغل فيها أخذ عليه الشعاب والمضايق. وطلب إليهم أن يخلوا عنه ولا يأخذ منهم شيئًا. فأبى ذلك وقال: بل تأخذ ثلاث ألف درهم صلحًا وتكتب واليا ولا تحرق ولا تخرب. ففعل. وبلغ عبد الملك بن مروان ذل: فعزله. ثم لما ولى الحجاج بن يوسف العراق وجه عبيد الله بن أبي بكرة إلى سجستان فخار ووهن. وأتى الرخج وكانت البلاد مجدبةً فسار حتى نزل بالقرب من كابل وانتهى إلى شعب فأخذه عليه العدو ولحقهم رتبيل. فصالحهم عبيد الله على أن يعطوه خمس مئة ألف درهم ويبعث إليه بثلاثة من ولده: نهار والحجاج وأبي بكرة رهناء ويكتب لهم كتابًا أن لا يغزوهم ما كان واليًا. فقال له شريح بن هانئ الحارثي: اتق الله وقاتل هؤلاء القوم. فإنك إن فعلت ما تريد أن تفعله أوهنت الإسلام بهذا الثغر وكنت قد فررت من الموت الذي إليه مصيرك. فاقتتلوا وحمل شريح فقتل. وقاتل الناس فأفلتوا وهم مجهودون وسلكوا مفازة بست فهلك كثيرٌ من الناس عطشًا وجوعًا. ومات عبيد الله بن أبي بكرة كمدًا لما نال الناس وأصابهم. ويقال إنه اشتكى أذنه فمات. واستخلف على الناس ابنه أبا بردعة. ثم إن عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث خلع وخرج إلى سجستان مخالفًا لعبد الملك بن مروان والحجاج: فهادن رتبيل وصار إليه. ثم إن رتبيل أسلمه خوفا من الحجاج. وذلك أنه كتب إليه يتوعده فألقى نفسه سلسل نفسه معه فمات. فأتى الحجاج برأسه فصالح الحجاج رتبيل على أن لا يغزوه سبع سنسن ويقال تسع سنسن على أن يؤدي بعد ذلك في كل سنة ألف درهم عروضًا. فلما انقضت السنون ولى الحجاج الأشهب بن بشر الكلبي سجستان فعاسر رتبيل في العروض التي أداها. فكتب إلى الحجاج يشكوه إليه فعزله الحجاج. قالوا: ثم لما ولى قتيبة بن مسلم الباهلي خرا سان وسجستان في أيام الوليد بن عبد الملك ولى أخاه عمرو بن مسلم سجستان. فكلب الصلح من رتبيل دراهم مدر همة. فذكر أنه لا يمكنه إلا ما كان فارق عليه الحجاج من العروض. فكتب عمرو بذلك إلى قتيبة. فسار قتيبة إلى سجستان. فلما بلغ رتبيل قدومه أرسل إليه: أنا لم نخلع بدًا من الطاعة وإنما فارقتمونا على عروض فلا تظلمونا. فقال قتيبة للجند: اقبلوا منه العروض فإنه ثغر مشئوم. فرضوا بها. ثم انصرف قتيبة إلى خرا سان بعد أن زرع زرعًا في أرض زر نج لييأس العدو من انصرافه فيذعن له. فلما حصد ذلك الزرع منعت منه الأفاعي فأمر به فأحرق. ثم ولى سليمان بن عبد الملك وولى يزيد بن المهلب العراق. فولى يزيد مدرك بن المهلب أخاه سجستان. فلم يعطه رتبيل شيئًا. ثم ولى معاوية بن يزيد فرضخ له. ثم ولى يزيد بن عبد الملك فلم يعط رتبيل عماله شيئًا. قال: ما فعل قومٌ كانوا يأتونا خماص البطون سود الوجوه من الصلاة نعالهم خوص قالوا: انقرضوا. قال: أولئك أوفى منكم عهدًا وأشد بأسًا وإن كنتم أحسن منهم وجوهًا. وقيل له: ما بالك كنت تعطي الحجاج الإتاوة ولا تعطيناها. فقال: كان الحجاج رجلًا لا ينظر فيما أنفق إذا ظفر ببغيته ولو لم يرجع إليه درهم وأنتم لا تنفقون درهمًا إلا طمعتم في أن يرجع إليكم مكانه عشرة. ثم لم يعط أحدًا من عمال بني أمية ولا عمال أبي مسلم على سجستان من تلك الإتاوة شيئًا. قالوا: ولما استخلف المنصور أمير المؤمنين ولى معن بن زائدة الشيباني سجستان. فقدمها وبعث عماله عليها. وكتب إلى رتبيل يأمره بحمل الإتاوة التي كان الحجاج صالح عليها. فبعث بإبلٍ وقبابٍ تركيةٍ ورقيقٍ وزاد في قيمة ذلك للواحد ضعفه. فضب معن وقصد الرخج وعلى مقدمته يزيد ابن مزيد. فوجد رتبيل قد خرج عنها ومضى إلى ذابلستان ليصيق بها. ففتحها وأصاب سبيا كثيرة. وكان فيهم فرج الرخجى وهو صبي أبوه زياد. فكان فرج يحدث أن معنًا رأى غبارًا ساطعًا أثارته حوافر حمرٍ وحشية فظن أن جيشًا قد أقبل نحوه ليجاره ويتخلص السبي والأسرى من يده. فوضع السيف فيهم فقتل منهم عدة كثيرة ثم إنه تبين أمر الغبار ورأى الحمير فأمسك. وقال فرج: لقد رأيت حين أمر معن بوضع السيف فينا وقد حنى علي وهو يقول: اقتلوني ولا تقتلوا ابني. قالوا: وكانت عدة من سبى وأسر زهاء ثلاثين ألفًا. فطلب ما وند خليفة رتبيل الأمان على أن يحمله إلى أمير المؤمنين. فآمنه وبعث به إلى بغداد مع خمسة آلاف من مقاتلتهم فأكرمه المنصور وفرض له وقوده. قالوا: وخاف معن الشتاء وهجومه فانصرف إلى بست. وأنكر قومٌ من الخوارج سيرته فاندسوا مع فعلةٍ كانوا يبنون في منزله بناءًً فلما بلغوا التسقيف احتلوا مع فعلةً كانوا يبنون في منزله بناءً فلما بلغو التسقيف احتالوا لسيوفهم فجعلوها في حزم القصب ثم دخلوا عليه قبته وهو يحتجم ففتكوا به وشق بعضهم بطنه بخنجر كان معه. وقال أحدهم: وضربه على رأسه أبو الغلام الطاقي - والطاق بقرب زرنج - فقتلهم يزيد بن ثم إن يزيد قام بأمر سجستان واشتدت على العرب والعجم من أهلها وطأته. فاحتال بعض العربي فكتب على لسانه إلى المنصور كتابًا يخبره أن كتب المهدي إليه قد حيرته وأدهشته ويسأله أن يعفيه من معاملته. فأغضب ذلك المنصورة وشتمه وأقرأ المهدي كتابه فعزله وأمر بحبسه وبيع كل شيء له. زرنج - ثم إنه كلم فيه فأشخص إلى مدينة السلام. فلم يزل بها مجفوًا حتى لقيه الخوارج على الجسر فقاتلهم. فتحرك أمره قليلًا. ثم توجه إلى يوسف البرم بخرا سان فلم يزل في ارتفاع. ولم يزل عمال المهدي والرشيد رحمهما الله يقبضون الإتاوة من رتبيل سجستان على قدر قوتهم وضعفهم ويولون عمالهم النواحي التي قد غلب عليها الإسلام. ولما كان المأمون بخرا سان أديت إليه الإتاوة مضعفة. وفتح كابل وأظهر ملكها الإسلام والطاعة وأدخلها عامله واتصل إليها البريد فبعث إليه منها باهليلج غض ثم استقامت بعد ذلك حينا. وحدثني العمري عن الهيثم بن عدي قال: كان في صلحات سجستان القديمة أن لا يقتل لهم ابن عرس لكثرة الأفاعي عندهم. قال: أول من دعا أهل سجستان إلى رأى الخوارج رجلٌ من بني تميم يقال له عاصم أو ابن
|